1 قراءة دقيقة
لماذا ينقلب جهازنا المناعي الموكل للدفاع عنا و يحالف الفيروس في هجومه على اجسامنا؟

بسم الله الرحمن الرحيم 


لماذا ينقلب جهازنا المناعي الموكل للدفاع عنا و يحالف الفيروس في هجومه على اجسامنا؟؟؟


مقال للدكتور عروة محمد هاني الملي استشاري الأمراض والمناعة البشرية والبيطرية من جامعة ميونخ المانيا 


في مقال سابق ذكرت أن من أهم أسباب الوفاه  بفيروس كوفيد COVID 19 بل وحتى بعض الفيروسات التاجية الاخرى عند الانسان الحيوان هو ليس الفيروس نفسه ولكن جهازنا المناعي اللذي ينقلب علينا فجأة ويساهم في تدمير انسجتنا واعضائنا  كيف يحدث هذا ؟؟   وهل نستطيع أن نعيد جهازنا المناعي إلى صوابه قبل أن يفتك بنا؟؟؟


علينا اولا ان نعرف كيف يعمل الجهاز المناعي بالأحوال الطبيعية،  الموضوع يتم على يد جيوش هائلة  وكتائب  متنوعة بطرق وآليات واسلحة معقدة جدا . سأحاول تبسيطها ليفهما الجميع.


عندما يدخل الفيروس إلى الجسم يواجه القوى الدفاعية الأولى وتسمى البلاعم وهي أكبر الخلايا الدفاعية حجما. تقوم هذه الخلايا بالتعرف فورا على الفيروس و التهامه. ولكن  هذه البلاعم ماهرة في قتال  الفيروسات خارج الخلية.    


بعض الفيروسات تفلت من البلاعم وتستطيع غزو خلايا أجسامنا الحيه وهذا ما  يحتاج فرق أخرى أكثر تخصصا تستطيع محاربة الفيروس داخل الخلايا الحية.

والسؤال الان:

كيف استطاع الفيروس خداع البلاعم و التخفي واختراق الخلية؟؟


يرتبط الفيروس بنوعين من المستقبلات الموجودة على سطح خلايانا وتسمى ACE2 وTMPRSS2  كما يستعمل بروتين آخر يسمى بروتين منشط  ينشط دخول الفيروس إلى الخلية. 

يدخل الفيروس الخليه و يتحرر RNA والذي يمثل مخزن المعلومات للفيروس. 

 الفيروس بمجرد دخوله الخليه تصبح الخليه عبد لدى  الفيروس بكل معنى الكلمة،  تفعل ما يأمرها دون تردد. 

 يأمر الفيروس الخلية بأن تسخر كل اجهزتها لصناعة فيروسات اخري جديدة و هذا ما تفعله الخلية ويتم تشكيل عدد كبير من الفيروسات احيانا يصل عددها إلى مئة فيروس جديد او اكثر.  الفيروسات الجديدة تحاول الخروج من الخليه و غزو خلايا جديدة.  

وهنا أخطر خطوة في العملية. 


اذا استطاع الفيروس الخروج من الخليه سوف ينتشر لخلايا وانسجة اخري . 

 لذلك على كتائب المناعة القضاء على الفيروس داخل الخلية . من يستطيع فعل ذلك ؟ 

أنها الخلايا اللمفاوية التائية السامة (او القاتلة للخلايا).  ولكن هذه الخلايا تحتاج الى من يخبرها بشكل الفيروس و مكانه.

هنا نعود للبلاعم 

تقوم البلاعم  بعد ان ابتلعت الفيروس بعرض جزء من الفيروس (والذي يسمى أيضا مستضد) على سطحها و تجري به لتخبر الكتائب  الأخرى بأن فيروس او عدو جديد دخل الجسم و وهذا شكله 

وهكذا  يتم عرض جزء من الفيروس على الخلايا الدفاعية الأخرى حتى تتعرف عليه بسهوله. 

 كتائب دفاعية أخرى تسمى الخلايا اللمفاوية التائية المساعدة  وظيفتها  تصوير هذا المشهد (و هو جزء الفيروسي الموجود على سطح البلاعم ) و نقل الصورة إلى  كتائب دفاعية اخري مثل كتائب  الكريات البيضاء و الخلايا اللمفاوية البائية و  كتائب الخلايا التائية السامة (او القاتلة للخلايا )والتي ما إن ترى صورة العدو الجديد على الخلايا التائية المساعدة حتى 

تنطلق بأقصى سرعة نحو الخلايا المصابة بالفيروس 

و تنشر سمومها على الخلية المصابة فتموت الخلية مع الفيروس بداخلها . وتكون المهمة انتهت بنجاج بأقل الخسائر. 

طبعا هناك خط آخر من الدفاع والمتخصص  بالحرب  خارج الخلايا  وهو خط دفاع  الخلايا  اللمفاوية البائية. 


الخلايا التائية المساعدة كما ذكرنا تنقل صورة العدو الجديد إلى الخلايا البائية أيضا.   عندما ترى هذه الخلايا صورة العدو تقوم بلانقسام و تعطي خلايا تسمى الخلايا المصورية . هذه الخلايا المصورية  متخصصة بإنتاج اضداد تنتشر بالجسم و عندما تصل للفيروس تقوم باغلاف فوهاته  التي يستخدمها  الفيروس ليرتبط بالخلية و يغزوها وهكذا يصبح الفيروس عاجز وبدون اي سلاح . هذا الجسم الذي يتكون من الفيروس و الأضداد يدعى معقد مناعي  عندما تراه البلاعم تلتهمة وتزيله.

 وهكذا يتم القضاء على الفيروس و انت تمارس حياتك الطبيعية . 

احيانا تضطر الخلايا الدفاعية لاستخدام أسلحة أكثر و قد يشعر المريض ببعض الأعراض الخفيفة.

 ما سبق نسميه عمليه التهابية و هي تعتبر عملية الدفاع عن الجسم ضد العوامل الممرضة.  


اذا ما الخطأ الذي يحدث حتى ينقلب الجهاز المناعي من مدافع إلى مهاجم و يسبب مضاعفات قد تؤدي إلى الموت

  في المقال التالي إن شاء الله

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.