1 قراءة دقيقة
ما أسباب الوفاه بفيروس كورونا covid 19 وهل هو الالتهابات الرئوية فقط ؟؟ الجواب طبعا  لا

بسم الله الرحمن الرحيم 



الجواب: 

خلال الفترة الأولى لجائحة كورونا المستجد كان الظن ان سبب الوفاه الرئيسي هو  الفيروس نفسه اللذي يسبب الالتهاب الرئوي  وتراكم المفرزات الالتهابية بين الاسناخ والاوعية الدموية بالاضافة الى تليف الرئه وبالتالي نقص الاكسجة  . طبعا حتى أجهزة التنفس لا يمكن استخدامها إلا لفترة محددة حتى لا تزيد من الوضع سوء.


 بدأت في الفترة الاخيرة وخاصة بعد تشريح الجثث والفحص المجهري تتكشف الاسباب الأخرى والمسؤولة عن ارتفاع أعداد الوفيات.


طبعا معرفة هذه الأسباب سوف يمكن الاطباء من معالجة هذه المضاعفات وتقليل نسبة الوفيات لحد كبير .


لنبدأ بشرح أسباب الوفاه الناتجه عن المضاعفات للاصابة بالفيروس وليس الفيروس نفسه بطريقة بسيطة مفهومه للجميع و من ثم بطريقة علميه يفهمها المتخصصين. 


اولا.....عندما يدخل الفيروس إلى المجاري التنفسية تقوم أجهزة المناعة بأنواعها واسلحتها المختلفة بمحاولة القضاء على الفيروس طبعا كلما كانت المعركة اشرس كلما تدخلت فرق دفاعية أكثر للقضاء على الفيروس و يتم استخدام أسلحة أكثر و بكميات أكبر من  بلاعم و كريات بيضاء والخلايا التائية بانواعها وحتى وسائط كيميائية تسمى السيتوكينات ولكن ما النتيجة ...؟؟؟


ان ساحة المعركة ليس فيروس وخلايا  دفاعية  فقط بل يوجد الخلايا والأنسجة السليمة أيضا.

 

اذا  دعونا نتخيل ماذا حل في وسط المعركة للاسف الدمار شمل كل شي حتى الانسجة السلمية تم تدميرها بهذا الوابل من الأسلحة وعواصف السيتوكينات الكيميائية والتي تهدف بالأساس للقضاء على الفيروس. طبعا الأجهزة المناعية ليست سيئة ولم تقم بذلك عمدا ولكن تكلفة الحرب.

وهذا ما يسمى رد فعل التهابي مناعي زائد عن الحد الطبيعي يسبب ضرر الانسجة السليمة مما يزيد المشكلة والكوارث.


ثانيا...عندما يصل الفيروس الجسم تقوم خلايا اللمفاوية البائية بلانقسام وتعطي خلايا هامه جدا في المعركة تسمى الخلايا المصورية وهي التي تقوم بإنتاج الأضداد للفيروس. طبعا الأضداد تتجه إلى الفيروس و تقوم باغلاق فوهات المدافع التى يستخدمها الفيروس ليدخل الخلية . ولكن هذه الأضداد للاسف أحيانا وبدون قصد تتحول إلى مشكلة.

عندما يرتبط الفيروس مع الأضداد يتشكل ما يسمى معقد مناعي تقوم البلاعم بالتهامه والقضاء عليه .ولكن عندما يكون اعداد الفيروسات ضخمة و كذلك الأضداد كثيرة جدا فإن البلاعم لاتصبح قادرة على إزالة هذا العدد الكبير من المعقد المناعي و اللذي قد يرتبط ليشكل شبكة غير قابلة للانحلال.

هذا المعقد المناعي الفائض يترسب في جدار الأوعية الدموية مسببا إلتهاب الأوعية وخثرات دموية تسبب انسداد الأوعية الصغيرة و نقص التروية وبالتالى قصور في العضو الذي تم منع التروية عنه.كما أن  المعقد المناعي هذا  يترسب داخل الكلية مسببا إلتهاب الكبيبات الكلوية .


اذا ليس الفيروس وحده بل أيضا دفاعاتنا تساهم في تطور المرض والمضاعفات ولكن ماالحل 

الحل موجود عندما يقوم الاطباء بإعطاء ادويه لحل الخثرات و أدوية أخرى تكبح الجهاز المناعي لدي المريض حتى لا تتطور الحروب بشكل يدمر خلايانا السليمة. 


علميا  يحدث مايلي


اولا ظاهرة تسمى 

Secondary hemophagocytic lymphohistiocytosis (sHLH)

هذه الظاهرة خطيرة جدا وهي احد أسباب الوفاة بفيروس كورونا حيث إنه وأثناء الإصابة بالفيروس  يتم تكاثر وتنشيط الخلايا المناعية (وحيدة النواة والبلاعم) بشكل كبير جدا و تحرير كم كبير من السيتوكينات الالتهابية و ابتلاع  الخلايا الدموية.  هذا التفاعل المناعي  هو أحد الأسباب الأساسية لارتفاع الحرارة المستمر،  فرط الفيرين،  نقص الخلايا و شمول الرئة بالالتهابات. 

 (فرط الفيرين وحسب الدراسات هو أحد العلامات البارزة للوفاة) .


ثانيا - فرط نشاط الخلايا التائية مما يسبب زيادة في  إنتاج  عامل  تنشيط الخلايا المحببة والبلاعم( GM-CSF)و الانترلوكين 6  (IL-6)  و الذي بدوره  ينشط  كل من  +CD14  و + CD16  والبلاعم لانتاج المزيد من  (IL6)  مع عوامل التهابية اخرى مايسبب عاصفة التهابية مسببة اضرار مناعية للرئة وأعضاء اخرى.

 و العاصفة السيتوكينيه هذه مرتبطة بالاعراض الشديدة للفيروس و التي تسبب ايضا دمار في الخلايا المكونة للدم في نقي العظام.


(وبالتالي نقص انتاج الصفائح الدموية بالاضافة الى بلعمة الخلايا الدموية)

 كل هذا مع ارتفاع الضغط المستمر و التسمم الأوكسجين يسبب زيادة تدهور الرئة وحدوث حالة التليف الرئوية.


ثالثا - يسبب فيروس كورونا ارتفاع في إعداد الاضداد الذاتية وتشكل المعقد المناعي مايسبب دمار الصفيحات الدموية بواسطة جهاز المناعة وهذا ما يسمى نقص الصفيحات الدموية المرتبط بالمناعة.  

المعقد المناعي الدائر في الدم يحوي على مكونات غشاء الصفيحات الدموية و الاضداد للغشاء الصفيحي.


الاضداد والمعقدات المناعية المترسبة على الصفيحات  الدموية تجعل الخلايا البلعميه  المتغصنة  قادرة على تمييز  الصفيحات الدموية و تدميرها .

الصفيحات الدموية و  المستضدات المشابهة يمكن أن يتم تغطيتها بالاضداد المضادة للغشاء الصفيحي و المعقدات المناعية ما يؤدي إلى أذى متواسط بالمناعة. 

كما أن الاضداد المنتجة أثناء الغزو الفيروسي قد ترتبط بالمستضد على سطح الصفيحات الدموية  ممايؤدي الى دمارها. 


رابعا-  ان الأضرار الالتهابيه بالرئة بالاضافة الى تاذي بطانة الأوعية الدموية تسبب تنشيط تجمع الصفائح الدموية وتشكل خثرات صغيرة منتشرة مما يزيد من استهلاك الصفيحات الدموية ونقصها بالجسم.


يمكن تلخيص الأفكار السابقة لكي يفهمها الجميع كالتالي.

 ان أسباب الوفاة هي المضاعفات الناتجة عن الإصابة بالفيروس مثل.


1-  عاصفة من الالتهابات نتيجة إفراز كم هائل من المواد المسببة للالتهاب وتسمى السيتوكينات و التى تسبب أذى ليس فقط بالرئة بل بأعضاء أخرى.


2- تشكل خثرات  في الاوعية الدموية تسبب انسداد الأوعية الصغيرة وبالتالي عدم وصول الدم إلى النسج والخلايا مما يسبب موتها وبالتالي فشل الأعضاء نتيجة نقص التروية.


اذا عندما  يدرك الاطباء المعالجين هذه المضاعفات يستطيعون معالجتها ان شاء الله وإنقاذ الكثير من الأرواح بعالاجات قد تكون بسيطة.

مقال للدكتور عروة محمد هاني الملي

 استشاري الأمراض والمناعة البشرية والبيطرية من جامعة ميونخ المانيا

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.